تطورت الخدمات اللوجستية الرقمية بشكل كبير في المملكة العربية السعودية، وقد ظهر ذلك في موسم الحج لهذا العام. وذلك بسبب تكامل الجهود بين الأجهزة الحكومية المعنية بخدمة الحجاج، واستخدام أنظمة وتقنيات حديثة ومتطورة. حيث ساهم هذا النجاح بشكل إيجابي في تسهيل أداء شعائر الحج بسهولة وأمان، خلال موسم استثنائي شهد مشاركة أكثر من 1.8 مليون حاج من 150 دولة.
تم تنظيم موسم الحج لهذا العام بدون أي معوقات أو صعوبات بفضل تعاون أكثر من 37 جهة حكومية، قدمت خدماتها لضيوف الرحمن بمساعدة أكثر من 500 ألف فرد من الطواقم الأمنية والصحية والفنية والإدارية والخدمية. كما تم الاعتماد بشكل كبير على التكنولوجيا في جميع مراحل الحج، بدءً من تسجيل الحجاج ووصولًا إلى إصدار التأشيرة الإلكترونية المطلوبة لأداء الفريضة.
كما شهدت الخدمات اللوجستية الرقمية في موسم الحج لهذا العام تركيزًا كبيرًا على استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وقد أسفر ذلك عن نجاح الموسم المثالي بتنفيذه بجودة عالية وفقًا لأعلى المعايير. وذلك بفضل الاهتمام والمتابعة الجادة من الجهات المسؤولة وإصرارهم على تسخير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لكل تفاصيل خطط الحج.
اِقرأ أيضًا: مستقبل سلاسل الامداد في المملكة العربية السعودية
فقد تم تنفيذ المشاريع الضخمة في المشاعر باستخدام التقنية والذكاء الاصطناعي، لتعزيز رحلة الحجاج وتبسيطها، مع الحفاظ على جوهر المناسك والروحانية التي تعتبر أساسية في رحلة الحج. كما عزز استخدام الذكاء الاصطناعي من فعالية الخدمات اللوجستية الرقمية من خلال استخدام الخوارزميات والبرامج الذكية التي سهلت إدارة الحج وشعائره، بالإضافة إلى تنظيم عمليات التجمع بكفاءة عالية. وهذا ضمن سلامة 1.8 مليون حاج قدموا إلى المشاعر المقدسة.
طريق مكة
قامت الأجهزة الحكومية بدمج التكنولوجيا المبنية على الذكاء الاصطناعي في عملياتها. وتمثلت مبادرة “طريق مكة” كواحدة من أهم النجاحات التي تم تحقيقها بجهود وزارة الداخلية في تسهيل وصول حجاج الخارج. واستفاد من هذه المبادرة أكثر من 242 ألف حاج من 7 دول. بما في ذلك المغرب وماليزيا وإندونيسيا وباكستان وبنغلاديش، بالإضافة إلى تركيا وكوت ديفوار لأول مرة.
تهدف مبادرة “طريق مكة” إلى تسهيل إجراءات دخول الحجاج إلى المملكة. حيث يتم إصدار التأشيرة للحجاج عن طريق تحميل تطبيق على هواتفهم وتسجيل كافة البيانات اللازمة. وتم إنشاء صالة مخصصة لتسجيل دخول الركاب إلى المملكة، وبعد وصول المستفيدين من المبادرة إلى المملكة، يتم نقلهم إلى مقرات إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر مسارات مخصصة. في حين تتولى الجهات المختصة نقل أمتعتهم إلى مساكنهم.
وأكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية أن التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي، التي تم تطويرها بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، تحتوي على تقنيات متطورة لتحقيق “حج ذكي”. وتُدير منصات “سواهر” و”بصير” إدارة الحشود وتقدم لوحة بيانات تحليلية متقدمة. وذلك بفضل الجهود المتكاملة لفريق عمل وطني يعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
تهدف هذه التقنيات المستخدمة في الخدمات اللوجستية الرقمية إلى تنظيم وإدارة الحشود في المشاعر المقدسة بشكل ذكي وفعال. وتوصيل الطرق الرئيسية والفرعية في المشاعر المقدسة بمراكز عمليات متخصصة في نظم الذكاء الاصطناعي. وتهدف أيضًا إلى تحقيق تجربة مميزة لموسم الحج. حيث يتم استخدام شبكة ذكية وكاميرات تحليل ذكية لتنظيم حركة الحجاج وإدارة الطرق. وتسهيل رحلة الحج بشكل يضمن الطمأنينة والسكينة. وتم تسخير التكنولوجيا لتحقيق التطلعات وتوفير تجربة حج ميسرة وسلسة للحجاج.
الخدمات اللوجستية الرقمية في الحج – روبوتات للتعقيم والإرشارد
أعلنت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين عن إطلاق أدلة روبوتية تهدف إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للحجاج والزائرين في الحرمين الشريفين، وضمان بيئة صحية آمنة. ويأتي ذلك من خلال استخدام روبوت ذكي متطور مخصص لعمليات التعقيم والحفاظ على النظافة في الأماكن المغلقة.
حيث يعمل هذا الروبوت بنظام تحكم آلي مبرمج مسبقًا، ويتميز بخاصية الإنذار المبكر وإرسال الإشعارات الصوتية في الوقت المناسب. كما يستمر الروبوت في العمل لمدة تتراوح بين 5 إلى 8 ساعات من دون تدخل بشري. ويحمل كاميرا تحتوي على رادار بجودة عالية لرسم الخرائط والتحكم في الحركة.
اِقرأ أيضًا: مستلزمات التعبئة والتغليف وأهميتها للأعمال
وبفضل سعة هذا الروبوت الهائلة التي تزيد عن 68 لترًا من الماء. يستطيع تغطية مساحة تزيد عن 1000 متر مربع في الساعة. حيث يعمل روبوت التعقيم بسلاسة وفعالية لضمان بيئة نظيفة وصحية لزوار الرحمن في الحرمين الشريفين.
أما روبوت الإرشاد فهو إبداع فريد، ومهمته الرئيسية هي إصدار الفتاوى وتقديم الاستشارات الإسلامية الموثوقة. حيث يتميز هذا الروبوت بشاشة لمس بحجم 21 بوصة وقدرة على التواصل بلغات متعددة. بما في ذلك العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والفارسية والتركية والماليزية والأردية والصينية والبنغالية والهوسا.
كما يتمتع روبوت الإرشاد بالقدرة على التحرك بسلاسة على أربعة عجلات. ويحتوي على نظام توقف ذكي يضمن سلاسة ومرونة الحركة، مما يسمح له بالتنقل بكفاءة في البيئات المختلفة.
كما أعلنت وكالة الترجمة والشؤون التقنية التابعة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام عن إطلاق منصة “منارة الحرمين”، وهي منصة رقمية تهدف إلى إثراء التجربة التعبدية الروحانية عبر الإنترنت.
توفر المنصة ترجمة خطبة يوم عرفة إلى 20 لغة مختلفة عن طريق التطبيق والموقع الإلكتروني، بهدف نشرها للمسلمين في جميع أنحاء العالم. وتتضمن المنصة أيضًا معلومات عن المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومواقيت الصلاة، وبث مباشر للصلوات في المسجد الحرام والمسجد النبوي.
الخدمات اللوجستية الرقمية – تبريد طرق الحجاج
أفاد المتحدث باسم منظومة النقل والخدمات اللوجستية، صالح الزويد، بأنه تم إطلاق 19 تجربة هذا العام في مجال تقنيات نقل الحجاج. بهدف التأكد من جدواها وملاءمتها وتسهيل تجربة الحجاج وتنقلهم داخل وخارج المشاعر المقدسة.
من بين هذه التجارب، تقنية تبريد الطرق عن طريق طلائها باللون الأبيض لعكس أشعة الشمس. والتي أدت إلى انخفاض درجة الحرارة بمقدار 12 درجة مئوية مقارنة بالأسفلت التقليدي.
وأشار الزويد إلى استخدام طائرات بدون طيار لمسح الطرق التي يستخدمها الحجاج وفحصها، وتوقع أي مشاكل تتعلق بجاهزيتها. وفيما يتعلق بعمليات النقل الداخلي، تم توسيع استخدام السكوترات الكهربائية، حيث تم توفير 1000 سكوتر لخدمة ضيوف الرحمن الذين يرغبون في التنقل من منشآت الجمرات إلى الحرم المكي.
كما تم أيضًا إطلاق حافلات ذاتية القيادة للتنقل داخل المشاعر. وتظهر النتائج الأولية نجاح هذه التجربة، ومن المتوقع استكمال الدراسات لضمان نجاحها. وأوضح الزويد أن القطاع اللوجستي قد بدأ في توفير أكثر من 450 ألف شحنة مهمة لحجاج بيت الله الحرام منذ بداية موسم الحج. وتم تحميل هذه الشحنات بجميع المستلزمات الضرورية للحج.
اِقرأ أيضًا: لوجستيات التجارب السريرية
ومن ضمن الخدمات اللوجستية الرقمية في الحج لهذا العام، خدمة التفويج الرقمي لقطار المشاعر. وتطبيق (مناسكنا) الذي يعمل دون نت، وسوار الحاج الذكي (نسك) الذي يوفر كافة المعلومات التي تتعلق بكل حاج. كما أنه يقوم بقراءة نسبة الأوكسجين في الدم الأمر الذي يساعد في الحفاظ على صحة الحجاج والتدخل في الوقت المناسب إذا لزم الأمر.