صناعة الأدوية السعودية.. التحديات والحلول

صناعة الأدوية السعودية.. التحديات والحلول

تلعب صناعة الأدوية السعودية محليًا دورًا حيويًا في الحفاظ على مرونة أنظمة الرعاية الصحية الوطنية. لا سيما عندما يتعلق الأمر بتسهيل الوصول إلى الأدوية اللازمة، وتقليل الاعتماد على الواردات وسلاسل التوريد الدولية. 

وفي ضوء تفشي كوفيد-19، تم الحد من إمكانية الوصول إلى الأدوية في جميع أنحاء العالم، مما عرض حياة العديد من الأشخاص للخطر. ولا تزال المستويات العالية من استهلاك الأدوية وعدم كفاية التصنيع الدوائي المحلي يمثلان تحديًا كبيرًا لسلسلة توريد الأدوية ونظام الرعاية الصحية. لكن يُعد توطين صناعة الأدوية السعودية ومكوناتها أمرًا حيويًا لحماية نظام الرعاية الصحية في البلاد.

تعد صناعة الأدوية السعودية ركيزة مهمة في نظام الرعاية الصحية، فهي تغطي اكتشاف الأدوية وتطويرها وتصنيعها وتسويقها.

ومع ذلك فإن تحديد أهداف جديدة للعقاقير والحصول على الموافقة التنظيمية يمثلان التحديات الرئيسية الحالية في صناعة الأدوية السعودية. حيث تعمل شركات الأدوية عادةً في الأسواق الوطنية والدولية، والتي تخضع من خلالها للوائح وسياسات رعاية صحية محددة تحكم تصنيع الأدوية والموافقة عليها وتسويقها ومبيعاتها. وتختلف هذه التشريعات من دولة إلى أخرى؛ وذلك اعتمادًا على تحديات الرعاية الصحية التي تواجهها، ويمكن أن تؤثر بشكل مباشر على اكتشاف الأدوية الجديدة وتطويرها وتصنيعها وبيعها.

اقرأ أيضًا: صناعة الأدوية في السعودية وأهمية سلاسل التوريد والتوقعات المستقبلية

المشهد الحالي في صناعة الأدوية السعودية

تملك المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي من حيث عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي. وتتمتع بأكبر سوق للأدوية في المنطقة، على الرغم من انخفاض الإنتاج المحلي للأدوية ذات العلامات التجارية مقارنة بالمنتجات العامة. 

تعتمد صناعة الأدوية السعودية بشكل كبير على الأدوية المستوردة من الولايات المتحدة وأوروبا والصين والهند. ووفقًا للمركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية يتم تصنيع 30 في المئة فقط من إجمالي الأدوية في السوق السعودي محليًا. وأدى هذا الإنتاج المنخفض من الأدوية إلى تشجيع الحكومة على الاستثمار في إنتاج الأدوية؛ وذلك لإنتاج ما لا يقل عن 40 في المئة من إجمالي الأدوية في السوق السعودي، وذلك تماشيًا مع خطة التنمية طويلة الأجل للمملكة – رؤية 2030. 

عوامل رئيسية تحكم صناعة الأدوية السعودية

  • الهيئات التنظيمية:

يخضع سوق الأدوية في المملكة العربية السعودية لسيطرة الحكومة والقطاع الخاص، ويتم تنظيمه من قبل الهيئة العامة للغذاء والدواء بالتعاون مع وزارة الصحة. حيث تنظم الهيئة العامة للغذاء والدواء سلسلة توريد الأدوية وتسجيل أي منتج دوائي وتسعيره، بالإضافة إلى ترخيص وتفتيش وتعليق الشركات المصنعة التي لا تستوفي متطلبات الترخيص في المملكة. 

تتطلب صناعة الأدوية السعودية اتباع لوائح صارمة لتحليل دقيق للسوق، من أجل تحقيق التوازن بين عرض الأدوية والطلب عليها. علاوة على ذلك، دخلت الهيئة العامة للغذاء والدواء في شراكة مع وزارة الصحة لإنشاء سلسلة توريد من الشركة المصنعة إلى نقطة البيع، في صيدلية محلية، وقامت بتحسين بنيتها التحتية لتبسيط استيراد الأدوية وتصنيعها وتوزيعها.

  • نفقات الأدوية:

تتزايد نفقات الأدوية في المملكة العربية السعودية تدريجياً في السنوات الأخيرة. حيث شكلت ما يقرب من 20 في المئة من إجمالي النفقات الصحية في عام 2018.

ويعتمد هذا النمو المرتفع في الطلب على عدة عوامل. على سبيل المثال، انتشار الأمراض المزمنة وعوامل الخطر المرتبطة بها، والزيادة في عدد السكان، وارتفاع تكلفة تصنيع بعض الأدوية مثل اللقاحات والبدائل الحيوية والعوامل المضادة للسرطان بسبب متطلبات تصنيعها.

اقرأ أيضًا: دور لوجستيات سلسلة التبريد في صناعة الأدوية

لذلك من المتوقع أن تتحول اقتصاديات الأدوية من المناطق التقليدية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إلى الاقتصادات الناشئة مثل المملكة العربية السعودية التي تشهد معدل نمو سنوي مركب من المتوقع أن يرتفع بنسبة 6.7 في المئة في عام 2023.

ويرجع هذا الارتفاع في معدل النمو السنوي المركب إلى النمو المستمر لاقتصاد المملكة. والنفقات المرتفعة للمستحضرات الصيدلانية. والدعم الحكومي المستمر لتوطين إنتاج الأدوية. ويمكن أن يلعب دعم البحث والتطوير، من خلال التمويل، دورًا رئيسيًا في خفض رقم نفقات الأدوية من خلال تقليل الاعتماد على واردات الأدوية.

  • الاستثمارات والحوافز:

يوجد أكثر من 40 مصنعًا للأدوية المرخصة في المملكة العربية السعودية. وبدأت معظم شركات الأدوية المحلية بإعادة تغليف أشكال الجرعات الجاهزة واستيراد الأدوية الأجنبية وتوزيعها في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، كان هناك نمو سريع في الأدوية الجنيسة بسبب الجهود الحكومية لتعزيز الإنتاج المحلي للأدوية. حيث ارتفعت الحصة السوقية لهذه الشركات في تسع سنوات إلى 30 في المئة في عام 2019.

في الوقت الحالي، بدأت بعض المعاهد البحثية في التركيز على البحث والتطوير والابتكار الصيدلاني، مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقد تتمتع هذه المؤسسات البحثية بالقدرات على تنفيذ العديد من مشاريع البحث والتطوير الخاصة بتطوير الأدوية، ومع ذلك من المهم ترجمة نتائج هذه المشاريع إلى العيادات. ويمكن أن يلعب دعم الصناعات الدوائية المحلية دورًا أساسيًا في إيصال نتائج مشاريع البحث والتطوير إلى السوق.

كانت هناك بعض الجهود لتطوير الأدوية في السنوات الأخيرة، والتي تمت ترجمتها إلى العيادات. حيث تم تسجيل أكثر من 400 تجربة في 22 مجالًا علاجيًا مختلفًا، مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي والتغذوي وأمراض التمثيل الغذائي في المملكة العربية السعودية. وقامت شركات الأدوية الدولية والمحلية والجامعات والمستشفيات المرتبطة بوزارة الصحة برعاية هذه التجارب.

تحديات نظام الإنتاج الدوائي في السعودية

  • نقص الأدوية وسلسلة التوريد:

يعد توافر الأدوية وسهولة الحصول عليها أمرًا بالغ الأهمية لنجاح نظام الرعاية الصحية، خاصة في الظروف الحرجة مثل جائحة كوفيد-19. ويعد الافتقار إلى البحث والتطوير في مجال تصنيع الأدوية المحلية في المملكة وارتفاع الإنفاق على العقاقير الخارجية عاملين ينذران بالخطر يجب معالجتهما للتغلب على نقص الأدوية في المستقبل.

ويمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على استيراد الأدوية المصنوعة في الخارج بدلاً من تصنيعها محليًا إلى تعريض سلسلة توريد الأدوية للخطر. لكن من خلال توطين صناعة الأدوية السعودية يمكن توفير الأدوية بالكمية المناسبة وبتكلفة معقولة، ناهيك عن الابتعاد عن خطر سلاسل التوريد.

لطالما كان الإمداد بالأدوية أحد التحديات في توزيع الأدوية في جميع أنحاء العالم. ونظرًا لسلاسل التوريد الهشة في بعض البلدان، فإن تصميم وإدارة توزيع الأدوية الفعّال يمكن أن يوجد فرصًا للتخطيط الاستراتيجي طويل الأجل. ويجب ألا يعتمد هذا التوزيع على توصيل المنتجات الدوائية فقط.

خلال العقد الماضي، كان نقص الأدوية في المملكة العربية السعودية يمثل تحديًا كبيرًا، مع تأثيره السلبي الكبير على رعاية المرضى. وحددت دراسة استكشافية للتحليل النوعي مؤخرًا الأسباب الرئيسية لنقص الأدوية في المملكة العربية السعودية. فقد أجرى المحققون مقابلات مع أصحاب المصلحة المعنيين، من الأوساط الأكاديمية إلى صناعة الأدوية والشراء والتخطيط والهيئات التنظيمية.

وتم تحديد الأسباب الرئيسية لنقص الأدوية في المملكة على أنها “سوء إدارة سلسلة توريد الأدوية، والافتقار إلى اللوائح الحكومية التي تفرض الإخطار المبكر بنقص الأدوية، وسياسة المشتريات الحكومية التي لا تواكب التغيرات في سوق الأدوية، وانخفاض هوامش الربح لبعض الأدوية الأساسية، وعقوبات مخالفة القانون الضعيفة وغير الفعالة ضد شركات الأدوية ومستوردي وموزعي الأدوية المرخصين، والاعتماد المفرط على الأدوية المستوردة.

اقرأ أيضًا: شحن الأدوية والمواد الطبية في المملكة العربية السعودية

لذلك تعمل الحكومة على معالجة جميع هذه الأسباب والعمل مع الهيئات التنظيمية، والمعاهد التعليمية والبحثية والتطويرية، ورجال الأعمال، وشركات الأدوية لإدارة سلسلة توريد الأدوية في البلاد والحفاظ عليها بكفاءة مع مخاطر منخفضة، أو حتى معدومة، لنقص الأدوية، لا سيما في الحالات الحرجة.

  • زيادة الطلب:

تتحكم العديد من العوامل في توسع سوق صناعة الأدوية السعودية. على سبيل المثال، يمكن للنمو السكاني تحديد الطلب الإجمالي على الأدوية. حيث سيؤدي معدل السكان المتزايد إلى زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية والأدوية.

كما أدى عدم الوعي بمكافحة الأمراض المزمنة. مثل النشاط الرياضي والنظام الغذائي الصحي، إلى زيادة انتشار الأمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. وقد أدى هذا إلى زيادة الطلب على الأدوية.

ونتيجة لذلك، نما حجم سوق الأدوية في المملكة العربية السعودية من 14 مليار ريال سعودي في عام 2012. إلى 28 مليار ريال سعودي في عام 2016. ومن المتوقع أن يصل إلى 40 مليار ريال سعودي في عام 2023.

يتم تطوير مجموعة متنوعة من المنتجات الدوائية الجديدة باستمرار في صناعة الأدوية السعودية لتقليل الاعتماد على الأدوية المستوردة. وتختلف تكلفة الأدوية الجديدة من كونها ميسورة التكلفة إلى باهظة الثمن.

وذلك بسبب ارتفاع تكاليف خدمات الرعاية الصحية وانتشار الأمراض المستعصية. وعلى الرغم من الارتفاع الهائل في الاستثمار في البحث والتطوير في المملكة العربية السعودية على مدى العقود القليلة الماضية. فإن جلب أدوية جديدة إلى السوق لا يزال يعتبر أحد التحديات الرئيسية. ويرجع ذلك إلى تعقيد عملية تطوير منتج دوائي جديد، حيث تعتبر الموافقة عليه في السوق عملية مكلفة وطويلة. 

اقرأ أيضًا: سلسلة التبريد الدوائية.. التحكم في درجات الحرارة هو الفيصل

وفقًا لدراسة أجرتها جامعة (Tufts) لدراسة تطوير الأدوية. يمكن أن تصل تكلفة تطوير عقار موصوف حديثًا لتسويقه إلى 2.6 مليار دولار. وقد تم تقسيم هذا الرقم إلى 1.4 مليار دولار للتكاليف الشخصية و 1.2 مليار دولار تكلفة الوقت لكل دواء واحد معتمد في السوق. وبغض النظر عن انخفاض متوسط ​​الوقت اللازم لإدخال دواء جديد في التجارب السريرية. تم الإبلاغ عن أن معدل النجاح يبلغ 12 في المئة فقط.

يجب على الشركات المحلية تحويل تركيزها إلى زيادة استثماراتها في البحث والتطوير للعثور على منتجات دوائية جديدة بدلاً من تصنيع الأدوية الجنيسة منخفضة التكلفة.

الأسباب المحتملة لنقص الأدوية في السعودية والتدخلات الممكنة

صناعة الأدوية السعودية

  • عدم إخطار الهيئة العامة للغذاء والدواء مسبقًا بنقص الأدوية المتوقع. ويمكن علاج ذلك من خلال دمج إدارة سلسلة التوريد لإخطار الهيئة العامة للغذاء والدواء بأي انقطاع محتمل قبل ستة أشهر على الأقل.
  • ضعف أنظمة إدارة سلسلة التوريد. ويمكن علاجها من خلال تعزيز وتفويض أنظمة الأتمتة الفعّالة.
  • عدم وجود عقوبات فعالة ضد شركات الأدوية والمستوردين الصيدلانيين المرخصين الذين لا يلتزمون باللوائح الحكومية. ويمكن علاج ذلك عن طريق أن تكون الهيئة العامة للغذاء والدواء مسؤولة عن أي عقوبات. حيث يجب أن تكون الغرامات المفروضة على أي مخالفة عالية بما يكفي لمنع الموردين من أي مخالفة.
  • طول المدة نسبيًا في إطلاق الكثير من المنتجات البيولوجية من قبل الهيئة العامة للغذاء والدواء. ويمكن علاج ذلك عن طريق تسريع عملية إطلاق الأدوية البيولوجية دون المخاطرة بسلامة المرضى.
  • الاعتماد المفرط على وصفات الأدوية المستوردة. ويمكن علاج ذلك عن طريق تحسين الإنتاج الدوائي المحلي من خلال الاستثمار في البحث والتطوير.

خلاصة:

تم اقتراح نهج جديد لإدارة ودعم نظام الابتكار في المملكة العربية السعودية للتغلب على التحديات في صناعة الأدوية السعودية. وذلك من خلال الجمع بين مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة العامة والخاصة للتفاعل بطريقة أكثر تآزرًا وتكاملًا. وذلك لضمان أن أنشطة البحث والتطوير ذات قيمة للمجتمع والاقتصاد. وسيؤدي هذا التحسين في نشاط البحث والتطوير والاستثمار من القطاع الخاص أيضًا إلى بناء القدرات لتوطين تصنيع الأدوية وتعزيز سلسلة التوريد ونظام الرعاية الصحية في المملكة.

ونحن في شركة الجهات الأربع ندعم هذه الجهود من خلال تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات اللوجستية الخاصة التي تتوافق مع صناعة الأدوية السعودية.

ونولي درجة الحرارة اهتمامًا كبيرًا عندما يتعلق الأمر بالأدوية. لأن الانحراف في درجة الحرارة هو السبب الأول للخسارة في عالم التجارب السريرية. فبعد استثمار الملايين في البحث، فإن آخر شيء تتوقعه هو التعرض لدرجة الحرارة. لذلك تضمن خدمة لوجستيات التجارب السريرية لدينا أن العينات البيولوجية والأدوية المعادة للتدمير يتم جمعها من موقعك أو مستودعاتك. بسرعة وكفاءة وضمن نطاقات درجة الحرارة المحددة مسبقًا وفي فترات زمنية ضيقة.

ونعتمد في شركة الجهات الأربع على خبرتنا الطويلة في التخليص الجمركي. والنقل البارد لتسليم الشحنة في الوقت المحدد وفي حالة ممتازة، لذلك لا تتردد بالتواصل معنا.

إقرأ أيضًا

النشرة البريدية

ندعوك للاشتراك في النشرة البريدية للحصول على أحدث المستجدات والعروض والمعلومات التي تهمك في هذا المجال